فصل: المبحث الخامس: قراءة في مقالة الأستاذ أحمد بهجت: جذور العنف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: قراءة في فكر علماء الإستراتيجية (نسخة منقحة)



.المبحث الخامس: قراءة في مقالة الأستاذ أحمد بهجت: جذور العنف:

تحت هذا العنوان كتب الأستاذ أحمد بهجت (*): قام المجتمع الأمريكي على أكتاف مجموعة من المهاجرين الرواد الذين اتجهوا للعالم الجديد، وهو عالم كان يعيش فيه الهنود الحمر.
وبدأ الصراع بين المهاجرين والهنود الحمر، وهو صراع اتسم بالعنف وكانت محصلته النهائية هي إبادة الهنود الحمر واحتلال المهاجرين الأرض، لهذا السبب، تغوص جذور العنف في المجتمع الأمريكي حتى القاع، وقد عبرت أفلام الغرب في السينما الأمريكية عن هذا العنف، ورسمت صورة للبطل عند الكاوبوي، وكانت البطولة تعقد لواءها لمن يسحب مسدسه أسرع، ولمن يقتل عددا أكبر من الضحايا دون أي يهتز له جفن، أو بدم بارد كما يقول المصطلح الأمريكي.
ويمكن القول باختصار أن العنف قد صار أفضل حل لمشكلات الحياة وتحدياتها.
ويبيح الدستور الأمريكي لكل مواطن أمريكي أن يحمل السلاح، وليست هناك أي عقبات في شراء السلاح، أو ترخيصه، وتنتشر محلات بيع السلاح مثل محلات السوبر ماركت.
ويمكن القول أن ظاهرة العنف تزايدت في السنوات الأخيرة، وصارت تهدد المجتمع في أساسه.
وتلعب السينما والتليفزيون في أمريكا دوراً مهماً في الترويج للعنف، فإن قسما مُهماً من أفلام السينما يختار قصصا دامية تبدأ بيد مجهولة تطلق الرصاص، وتنتهي بحرائق وانفجارات ودم ومفاجآت.
وهذه الأفلام تختار العنف ضمانا لانتشارها وتروجيها، ولهذه الأفلام جمهورها من الأطفال والشباب الكبار، الذين يتعاطفون في كثير من الأحيان مع المجرم ضد رجل القانون.
ويتأثر الشباب والأطفال بأفلام العنف تأثيراً لا يستطيعون التنبؤ بآثاره السيئة، وإن كانت هذه الآثار تظهر ذات يوم في أطفال يطلقون النار عشوائياً على بنات في مدرسة، أو شباب يقتحمون بنكاً لسرقته، فإذا سئلوا في التحقيق، من الذي أوحى إليهم بهذه الفكرة التعيسة؟! قالوا شهدنا فيلماً عن سرقة بنك، ونفذنا سيناريو الفيلم ولكن في الحياة الواقعية.. نحن أمام مشكلة تبدو بلا حل قريب، خاصة بعد انفتاح السموات ووجود أقمار صناعية، وعدم قدرة أحد على رقابة هذا الفن الرديء أو منعه.

.الخاتمة:

.كيف يمكن للأمة أن تواجه هذه التحديات:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله، ومن والاه، واستن بسنته، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه جولة في فكر بعض علماء السياسة والإستراتيجية، والمفكرين والكتاب وغيرهم، وهى بمثابة تنبيه إلى أهمية ما كتبوه فيما يتصل بأخطر التحديات التي تواجه العالم كله، والإسلامي على وجه الخصوص، وهذه الجولة تتصل أيضا بالمخطط الاستعماري، الذي يستهدف السيطرة على العالم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً، وفرض العقائد الصهيونية الصليبية على أهل الإسلام، وتمزيقهم إلى دويلات طائفية، وذلك تحت شعار ما يسمى بالنظام الدولي الجديد، وفرض السلام.
إنها جولة في عقول الأعداء نتعرف من خلالها على نظرتهم إلى العالم الإسلامي ومخططاتهم التي قاموا ويقومون بتنفيذها، نسوقها إلى الذين لا يؤمنون من هذه الأمة بأن التدافع بين الحق والباطل سنة ربانية جارية، قال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. [الحج: 40].
وليدركوا أن هناك صراعاً بين أهل الباطل، من شياطين الإنس والجن، وبين أهل الحق وأن الله هو الذي يُحذر أهل الحق من خطورة أهل الباطل ويأمرهم بمجاهدته وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم في حياة الإنسانية لعدة أسباب، هناك أعداء للإنسانية لهم أهداف وأطماع في بني الإنسان، في عقائدهم وديارهم ومقدساتهم وأعراضهم ودمائهم، فلا يمكن أن يتحقق السلام، إلا أن يكون هناك قوة تردع هذا الإنسان العدو لبني الإنسان.
أيها القارئ الكريم، لم يجعل الله تبارك وتعالى كربا إلا وجعل معه مخرجا، قال تعالى: {فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً (5) إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً(6)}. [الشرح: 5، 6].
ولئن كان أمن الأمة مهدداً، ولا يزال على خطر عظيم، فإن اللبس والغموض يغلفان أغلب ما مر بهذه الأمة من أزمات حادة، كانضمام بعض المسلمين لجانب الحلفاء في قتال المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكقتال أهل هذا الدين في حربي الخليج الأولى والثانية... إلخ.
* أما في هذه المرة، فإن الظلم الواقع على المسلمين واضح لا لبس فيه، والعدو محدد لا يخطئه الإدراك، وإذا لم يكن الجهاد الآن واجباً فمتى يجب إذاً؟ وأي حياة تكون هذه إذا قوّض الدين، وأزهقت الأنفس، وفتكت الأعراض، وسُلبت الأموال، وإن لم يكن الجهاد الآن واجباً فمتى يجب إذاً؟.
* لعل الله جلت حكمته قد جعل هذه المحنة لتكون بمثابة نقطة للتحول، والفرصة التي تخرج فيها الأمة مما هي فيه من كرب وغمة، ولكن الأمر يحتاج إلى جهاد ونية، وعزم وإرادة، قال تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}. [الرعد: 88].
* فإذا ما اتفقنا على أن ما نحن فيه خطر عظيم، وهو في نفس الوقت فرصة سانحة لنهوض الأمة، واستعادة عافيتها، من أجل أداء رسالتها، التي من أجلها بعث الله خاتم أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الفرصة تحتاج أعمالاً تتم في الأجل القصير، وتخطيطاً إستراتيجياً على المدى البعيد.

.أولاً: تحرير كل شبر محتل من ديار الإسلام:

تحرير فلسطين. كل فلسطين، جنوب السودان، البوسنة والهرسك، كوسوفو، القوقاز، كشمير، الفلبين، كل شبر محتل من ديار الإسلام فرض على المسلمين تحريره.
* إن المساعي التي تبذل الآن تحت ستار تحقيق السلام، لن تعيد أرضاً، ولن تحمي عرضاً، ولن تردع معتدياً، لا يرعي فينا إلاً ولا ذمة.
وهى لن تحفز الأوروبيين، والأمريكيين وغيرهم للإسراع بالقتال والموت فداء للمسلمين القاعدين منهم أو القائمين، فضلاً عن أنها لن تجبرهم على تغيير أهدافهم التي حذرنا الله منها {ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا}. [البقرة: 217]، {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ ولا ذِمَّةً وأُوْلَئِكَ هُمُ المُعْتَدُونَ}. [التوبة: 10].
فلا بديل إذن عن الجهاد في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم.. لا لشيء... إلا أنهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال تعالى: {إلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ويَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ولا تَضُرُّوهُ شَيْئاً واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [التوبة: 139].
* الجهاد في سبيل الله يحتاج إلى المال.. والرجال.. والسلاح والمؤن والدواء، وهو يحتاج في المقام الأول ضغطاً شعبيا على الحكومات كي لا تعيق أو تعرقل سفر المجاهدين، أو نقلهم لمستلزمات الجهاد هذه.
* وهنا يبدو بوضوح أن للمساجد المنتشرة في كل أرجاء المعمورة دوراً يسهم في تربية المجاهدين، وجمع المال، وتجهيز المؤن والرجال، والدعوة إلى الجهاد، وأن تتصل بأغنياء المسلمين لحثهم على الجهاد بالمال.
وللنقابات والجمعيات الإسلامية في كل بلاد المسلمين دوراً أيضا لتقديم العون الفني واللوجستي، فضلاً عن إبراز الرجال، وجمع المال، وتوعية الأمة بالتحديات وواجباتها، وتعريفها بالوطن الإسلامي، بسنكيانج، (تركستان الشرقية) وتركستان الغربية، بالقوقاز، كوسوفا.
* وعلى دور العلم واجبات. وكذلك المدارس والجامعات ومعاهد البحث العلمي في كل أنحاء الأمة الإسلامية، وهى تقديم مادة علمية ومقررات دراسية وبرامج إعلامية عن الوطن الإسلامي، والاستعمار القديم والحديث، والمؤامرة الصهيونية الاستعمارية على الوطن الإسلامي، وشرح أبعاد المؤامرة وآثارها على الأمة الإسلامية وبيان أهمية التكامل بين بلاد الوطن الإسلامي.
* إن دور العلم لا يقل أهمية عن دور المسجد للقيام بتربية الفرد المجاهد.. تربية إيمانية، وتربية بدنية، وتربية ثقافية، وتربية اجتماعية، وتربية جنسية، وتربية عقلية وتربية مهنية.
إن نصراً يحرزه المسلمون بإذن الله.. في فلسطين.. في الصومال.. في السودان.. سوف يكون له آثار بعيدة المدى بأكثر مما نتصور وليعلم الجميع أن النصر مع الصبر، ويكفينا قول الله تعالى: قَالَ الَذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. [البقرة: 249].
* للإعلام دور يسير جنباً إلى جنب مع دور المسجد، ودور العلم، هذا الدور لابد وأن يرتبط بمنظومة القيم الإسلامية العليا، والتكميلية والتحسينية. لا يجوز أن يكون البرنامج الإعلامي في بلاد المسلمين صورة طبق الأصل مما أعده أعداء الإسلام في حربهم التقنية الشرسة ضد المسلمين. لا يحل لدور العلم أن تتجاهل قضايا العالم الإسلامي.
* إن الإعلام هو صورة الأمة المعبّرة عن ضميرها، وهو الذي يستنهض إرادتها، وحرام أن يكون الإعلام حرباً على المسلمين، وعوناً لأعدائها ناقلاً لرسالتهم.
إن التزام الإعلام في المعركة يكاد يعدل آثار المدافع والطائرات وغيرها.

.ثانياً: توفير الغذاء والسلاح:

إن أي تخطيط إستراتيجي لن يكتب له أي درجة من درجات النجاح، طالما كان هناك تبعية كاملة لأعداء الأمة.
* أول درجات التحرر من هذه التبعية (1متلاك الغذاء.. والسلاح)، وهذا الأمر لا يحتاج وقتاً طويلاً، ولقد ضرب الله لنا أمثلة في أنفسنا، فبعض بلدان الجزيرة العربية، رغم قلة المياه المتاحة، وارتفاع تكلفة الزراعة، حقق اكتفاء ذاتيا في الحبوب، بل منها من قام بالتصدير، ونفس الشيء حدث في السودان من خلال الحكومة في عام واحد، حينما خلصت النوايا.. وكانت هناك عزيمة.
* أما الأرض الصالحة للزراعة في أحواض النيل، ودجلة والفرات، والسند وغيرها، فيمكن أن تفي باحتياجات المسلمين أو تزيد، فلم الركون إلى الكسل.. أطلب للمذلة هو؟؟
أما عن السلاح، فأمره ليس عسيراً، بالشكل الذي يصورونه، فالتنافس بين شركات ومصادر صنع السلاح، وتوفير المال- وهو موجود بفضل الله- يمكن من نقل حقيقي للتكنولوجيا المناسبة إذا تم استدعاء العلماء والفنيين المسلمين وغيرهم من الشرق والغرب وأحسن توظيفهم وتوجيه جهودهم، والبنية الأساسية المتوافرة في البلدان الإسلامية الأكثر تقدماً كتركيا، مصر، تنزانيا، وسوريا، وإندونيسيا، وباكستان، وإيران بل والعراق تسمح بإقامة صناعة للسلاح الإسلامي، ولو بتكنولوجيا غير متقدمة كل التقدم.
إن ما لدى الأمة الإسلامية الآن حاليا من السلاح.. لهو قدر كبير جداً، يمكن أن يكون فعالاً، في توفير الأمن والدفاع، إذا ما تم توفير الصيانة له، وتصنيع قطع الغيار وهى أمور ممكنة... إذا خلصت النوايا، وحسن التصرف.